02-09-2025
وصلت صفحتنا رسالة من حساب على “فيسبوك” يحمل اسمًا مستعارًا. كاتب الرسالة هو أحد المعتقلين في سجون النظام بسبب تضامنه مع فلسطين. وبعد أن تحققنا من هوية المرسل وصحة الرسالة، قررنا نشرها كما وردت إلينا، دون أي تعديل:
يا حسن قول لماهينور تقول لكل الناس اللي لسه فاكرين أن في معتقلين عشان فلسطين ولسه فاكرين فلسطين، أن احنا مش 180 ولا 200 معتقل تضامن مع فلسطين، ومش قادر افهم ازاي غايب عن تعليقاتكم وبوستاتكم حقيقة أن أعداد معتقلين التضامن مع فلسطين اللي بتتكلموا عليهم هي اللي منظمات المجتمع المدني قدرت تحصرها ودي للناس اللي اتقبض عليهم من فاعليات مشهورة، والحقيقة بشوف تضامنكم مع معتقلين قضيتي بشكل خاص، أو مع معتقلين التضامن مع فلسطين بشكل عام، وببقي مش قادر أفهم فكرة افرجوا عن الـ180 المتضامنين مع فلسطين!.
يا جماعة الخير، احنا مش 180 ولا 175 ولا حتى 200 معتقل زي ما بيتقال في البوستات المتضامنة معانا واللي بتطالب السلطة بالإفراج عنا، الرقم ده، مع كامل احترامي، مش دقيق ولا بيعكس الصورة الحقيقة. الحقيقة إن العدد أكبر بكثير وأغرب بكتير.
المنظمات بتحصي المعتقلين اللي شاركوا في فعاليات واضحة زي مظاهرة 20 أكتوبر 2023، أو فاعلية البنر بتاع رفاقنا في إسكندرية، أو الشاب بتاع الإستاد اللي رفع العلم… إلخ. بس ده جزء صغير جدًا من الصورة. الصورة الكاملة هي إن أي حد في البلد دي بيفتح بقه أو يرفع علم أو يعمل شير، بيتحوّل آليًا لمتهم، وأن الصورة اغمق بكتير من كده، ومستغرب أنكم مش واخدين بالكم بالحقيقة دي.
خلوني اديكم أمثلة حية من العنبر بتاعي وده عنبر واحد مش السجن كله ولا السجون كلها:
الفلاح الجميل أ.ث: لاعب كرة زياط قليل الموهبة قوي الجسد، راح حفلة تكريم شباب ختموا القرآن في نهاية الدورة الرمضانية في الكفر بتاعهم اللي محدش يعرفه غيره، والكم نفر اللي ساكنين هناك. خد كاس بلاستيك وميدالية صفيح، طلع علم فلسطين من كيس بلاستك كان معاه وفرده على المنصة (مش مسرح حاجه اصغر)، وبدل ما يسلم علي كبرات البلد، والمرشحين المحتمل يشاركوا في انتخابات البرلمان، هتف وقال: تحيا فلسطين والشهيد حبيب الله، جيش محمد سوف يعود. بالليل اتقبض عليه، وبقاله اكتر من سنة وأربع شهور محبوس، ذنبه إنه قال: “ماهي الممثلة الشرموطة بتشيل علم فلسطين وأنا لأ ليه ” أنا معرفش هو يقصد انهي ممثلة أمريكية عملت كده، لكني مهتم اكتر اني اعتذر عن رجعيته واحتقاره للمرأة، الناتج عن تربيته الريفية الممزوجة بتخلف الماضي وحقارة الحاضر.
المهندس س.ن: شاب مؤدب وهادئ من ذوي اللحيات الإسلامية الخفيفة. أتوقف في كمين، الضابط كشف عليه لقاه تمام معندوش مشاكل وعضو في حزب النور قام فتح موبايله لقى بوستات زي “اللهم انصر إخواننا في فلسطين”. لا سبّ الدولة ولا جاب سيرتها. ومع ذلك اتحط في قضية “انضمام” وبقاله سبع شهور، والغريب بقي ان البوستات العادية دي هي أحراز القضية اللي بيتجددله الحبس بسببها من شهور، والأغرب أن في من عينة المهندس س.ن دي كتير وحاجه متكررة فعلا.
الشيخ هـ.ص: خطيب في زاوية صغيرة في كفر محنك في وسط الدلتا، خرج عن النص في خطبة الجمعة الرسمية وقال جملة على (الحكام العرب اللي باعوا القضية)، طبعا لم يسم أي منهم لكنه دعا عليهم اجمعين. النتيجة؟ سنة كاملة معتقل. من كام شهر عرف ان في واحد بلدياته اتقبض عليه عشان كان بيلم تبرعات لفلسطين.
الكتله الكبيره فعلا هي الشباب اللي بيتقبض عليهم علشان شيروا عن عمالة النظام المصري زي اتفاقية الغاز، أو كتبوا كلمتين عن كامب ديفد، عن سفينة كاترين وغيرها، آخرهم شاب 19 سنه، ولد من المنيا شرفنا علشان كان فرحان بموضوع حصار السفارة المصرية في هولندا وعمل “شير” عنه على الفيسبوك.
الخلاصة:
في بلد زي مصرنا الحبيبة، ما ينفعش نقول “في 200 معتقل تضامنوا مع فلسطين”. الصح إننا نقول: في سياسة ممنهجة لمطاردة أي نفس حر بيقول كلمة عن فلسطين بيهمس حتى مساندة للقضية الفلسطينية.
فيا رفاقي، المسألة مش أرقام ولا إحصاءات، الموضوع إن التضامن مع فلسطين بقى جريمة، يعاملها النظام بنفس درجة خطورة المعارضة المباشرة، ممكن تتاكدوا من أهليكم اللي في السجون من أصحابكم لو كلامي غلط.
في مثال هيكون واضح قوي يا رفاق “الشير” لحاجة عن فلسطين دلوقتى بقى زى اللايك والشير لصفحة محمد علي في 2019. اللي عايش التجربة دي هيفهم كلامي كويس، وهيبقى عارف ان مجرد تضامنك مع القضية كافي لدخول المعتقل، في النهاية مفيش أبدا حد فاصل ولا خط تقدر تقيس منه مين معتقل عشان فلسطين، ومين لا، مين تضامنه كان سبب رئيسي في اعتقاله، أو عامل محفز جايه معانا العنبر.
في بلد نظامه الأمني قائم على القمع وتوسيع قاعدة الاشتباه، ما تقدرش تفصل بين “معتقل سياسي” و”معتقل متضامن مع فلسطين”.
مجرد شير، مجرد كلمة، مجرد علم، ممكن يساوي حبس سنتين او اكتر.
في النهاية حابب اشكركم واتمنى لنفسي ولكل معتقل الحرية قريبا، واشكر السمارت فون اللي خلاني اشوف بوستاتكم واقدر انور لكم على نقطة كانت غايبة عنكم.
أتمنى أن تنشروا رسالتي كما هي، لأنني أريد للناس أن يعرفوا هذه الحقيقة. وأنا أعلم أن صفحتكم الشجاعة هي المكان الوحيد القادر على نشر كلماتي، وواثق أن صوتي سيصل من خلالكم.
الحرية لفلسطين
الحرية للمعتقلين
يسقط حكم العسكر

