10-11-2025
في لحظة سياسية خانقة، تعود السلطة الحاكمة إلى إنتاج مسرحية “الانتخابات البرلمانية” القديمة ذاتها، في مشهد لا يحمل من الديمقراطية أي معالم، ولا من التمثيل الشعبي سوى الوهم.
منذ البداية، جرى هندسة العملية الانتخابية بالكامل لخدمة مصلحة من يملك المال والنفوذ، لا من يحمل قضايا الناس. فـ”القائمة الوطنية” التي تُمنح مقاعدها بالتزكية ليست إلا تجسيداً لتحالف السلطة ورأس المال والأجهزة، بينما تُترك الدوائر الفردية لمن يستطيع أن يشتري مقعده عبر إنفاق باهظ على الدعاية في دوائر اتسعت عمداً لإقصاء من لا يملك الموارد أو الحماية.
لقد صُمِّمت هذه الانتخابات لتمنع وصول أي صوت حقيقي من صفوف الشعب أو المعارضة المستقلة. فبعد هندسة الدوائر والقوانين، جاءت القيود الإدارية والأمنية لتُقصي مرشحين بارزين من صفوف المعارضة مثل محمد أبو الديار، ومحمد عبد الحليم، وهيثم الحريري.
لنجد أنفسنا اليوم أمام انتخابات الصوت الواحد، انتخابات بلا سياسة، بلا منافسة حقيقية، بلا مضمون.
في هذا المناخ المصنوع بعناية، تتلاشى الفوارق بين دعاية أحزاب الدولة والمعارضة، حتى صار من الصعب أن تميز أيّهما يتحدث باسم من. الجميع يكرر الخطاب ذاته: “الراجل الجدع”، “ابن الديرة”، “الخدوم”، “ابن الأصول والناس الطيبين”. تلاشت المنافسة السياسية تمام وتحوّلت الانتخابات إلى مهرجان للشخصيات لا للأفكار، وإلى سوق تُباع فيه صور الوجاهة الاجتماعية بدلاً من أن تُطرح فيه برامج تعبّر عن مصالح الناس.
لكن المسؤولية لا تقع على السلطة وحدها، بل تمتد إلى قوى المعارضة التي دخلت المشهد بلا برنامج حقيقي ولا بديل سياسي واضح. اكتفت بعض هذه القوى بخوض المعركة وفق قواعد النظام ذاته، متصوّرة أنها بهذا الشكل تحقّق حضوراً رمزياً، بينما هي في الحقيقة تساهم في إضفاء شرعية على عملية مصمّمة لإقصائها وإقصاء المجتمع برمته عن المشاركة السياسية، وتثبيت واستدامة الوضع القائم.
غابت الرؤية الطبقية، وتراجعت المطالب الاجتماعية لصالح خطاب “الخدمة” و”الأخلاق” و”الاستحقاق الوطني”، فبدت المعارضة كظل باهت لخصمها، لا كصوت مختلف يقف في صف الجماهير.
وسط زحمة رجال المال ومؤيدي الدولة، تاهت الأصوات التي كان يمكن أن تمثل العمال والفلاحين والموظفين والمهنيين. صار من الأسهل أن تجد مقعداً لمن يملك رأس المال من أن تجد منبراً لمن يمثل الفقراء. هكذا أُفرغت السياسة من مضمونها، وتحوّلت الانتخابات إلى طقس شكلي يُدار إعلامياً ويُغلق سياسيًا، ليظل كل شيء على ما هو عليه.
حتى مع مشاركة بعض قوى المعارضة وأحزاب الحركة المدنية في تحالفات انتخابية متفرقة، فإن النتيجة واحدة: عملية سياسية مفرغة من معناها، في بلد مأزوم سياسياً واقتصادياً، تتآكل فيه المساحات العامة ويُقمع فيه أي تفكير أو صوت نقدي.
إن ما يجري ليس استحقاقاً ديمقراطياً، بل ترتيب سلطوي جديد لتجميل وجه الاستبداد وإعادة إنتاج نفس الطبقة التي راكمت الثروة على حساب الأغلبية.
نحن في تيار الثورة الاشتراكية نؤكد أن طريق التغيير لا يمر عبر صناديق انتخابية جرى تفريغها من مضمونها، بل عبر تنظيم الجماهير حول مصالحها المباشرة، وبناء بديل شعبي مستقل يقف في وجه رأس المال والسلطة التي تحميه.
أن التغيير الحقيقي لن يُمنح، بل يُنتزع بالنضال والعمل الجماعي، اننا ندعوكم للنضال معنا والانخراط في صفوفنا من اجل بناء مشروع نضالي بديل يجاهد من أجل بناء مجتمع حر وعادل.
عاشت نضالات الشعوب من أجل الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية.
عاشت الثورة.
تواصلوا معنا وانضموا إلينا.
تيار الثورة الاشتراكية
10 نوفمبر 2025

