19-08-2025
محمد السايس
عبد الفتاح السيسي أمضى توقيعه على قانون الإيجار القديم منذ أيام ، ومع التوقيع ده بدأ رسمياً العد التنازلي لطرد مئات الآلاف من المستأجرين من دكاكينهم بعد خمس سنين، ومن بيوتهم بعد سبع سنين. القانون خلاص دخل حيز التنفيذ، والدولة بدأت تعد الأيام، واللي مش واخد باله، الأيام دي بتجري بسرعة.
بيننا وبين مأساة تشريد ملايين الأسر في مصر خمس سنوات… خمس سنين مش كتير، خصوصاً لما تبقى سلطة ديكتاتورية لا تعطي مسالة حقوق المواطنين اي اهتمام، سلطة تحقق من وراء تشريد الأسر مصالحها في زيادة قيمة العقارات المملوكة للدولة والأوقاف، ورفع العائد الضريبي على العقارات، وتحقيق مصلحة المستثمرين وكبار الملاك وسماسرة السوق العقاري.
اللي مش شايف قدامه خطر الطرد والتشريد يفتكر رفح والعريش والشيخ زويد وأهالي جزيرة الطابية وعزبة الهجانة والصيادين، وغيرهم من الناس اللي اتشردت وأجبرت على ترك بيوتنا واحيائها بكل قسوة من أجل مصالح كام مستثمر عايزين يزودوا أرباحهم والدولة تنتفع بشوية دولارات.
وممكن كمان تبص على أهالي جزيرة الوراق… وتشوف الناس دي وقفت إزاي، قاومت إزاي، ولسه بتقاوم رغم القمع والاعتقالات، الوراق درس لازم يتذاكر كويس ويتطبق ويتطور.
من اللحظة اللي اقر فيها السيسي قانون يشرعن طردنا من منزلنا أصبح قدامنا طريقين لا مفر منهم : يا ننتظر مصير الطرد زي القطعان… يا نجهز من دلوقتي لانتفاضة شعبية وحركة وسعة ترجّ النظام من جذوره تجبره على إلغاء القانون.
لكن الطريق مش سهل زي ما كلامي شكله سهل، مواجهة قانون الإيجار القديم بصيغته الجديدة مش هيبقى بشوية هتافات ولا كام بوست على الفيسبوك، دي معركة محتاجة شغل جماعي حقيقي، محتاجة مننا أننا لا ندخر جهد وننزل من الآن نبني روابط ومجموعات عمل في الشوارع والحارات والأحياء، روابط يكون هدفها الوحيد إسقاط القانون ده، والقضاء على كل سلطة تنازعكم على الحق في السكن، كل سلطة منتفعة بتشريد الناس من بيوتها، تواجه السلطة اللي ما عندهاش مشكلة تطرد ملايين البشر وتسيبهم مشردين في الشوارع، عشان تلم شوية مليارات زيادة. سلطة لا تري السكن حق بل تراه سلعة تباع وتشتري للي قادر يدفع ثمنها.
أوهام لازم تتحطم قبل المعركة
وهم المحكمة الدستورية: اللي قاعد مستني المحكمة تقول كلمتها في القانون ده، يبقى بيضحك على نفسه. المحكمة الدستورية في بلد زي مصر مش هـ تجرؤ تكسر إرادة الديكتاتور، بالعكس تماماً المحكمة حسمت نزاع كان بقاله اكتر من 30 سنة حول قانون الإيجار القديم استجابة لرغبة السيسي في الأساس. وكل الكلام عن “اللجوء للقضاء” هو مجرد وسيلة لتهدئة الناس وكسب وقت عشان السلطة تجهز أدوات تنفيذ الجريمة. لو سكتنا واستنينا المحاكم، هنصحى نلاقي الأمن بيكسر الأبواب علينا. ولا هتنفعنا محاكم دستورية ولا بتنجانية.
كذبة التعويضات و المساكن البديلة: بعد عشر سنين من أكاذيب الحكومة عن قدرتها على توفير سكن للشباب ومشروع المليون وحدة لمحدودي الدخل اللي أتحول في الآخر لمليون فيلا وقصر في الساحل الشمالي والعاصمة الإدارية والعالمين ومنتجعات الهيمنة الطبقية، تيجي دلوقتي الحكومة تقولك “هنعوضك وهنبني مساكن بديلة”!؟ طيب يا جماعة فين تعويضات أهالي ماسبيرو؟ فين مساكن أهالي العريش ورفح والوراق ؟ الحكومة فشلت في بناء مليون وحدة اقتصادية لذوي الدخول المحدودة في ١٠ سنين، هل تقدر تبني مليون ونصف وحدة في خمس سنين!؟ ده حتى الكذبة مش مقفولة كويس.
بس كمان وهم استسهال المشاركة في الدعوات العشوائية للتظاهر، قبل توحيد مطالبكم وصفوفكم وتنظيم قوتكم، هيضيع مجهوداتكم، وهـ يحول نضالكم لقمة سهلة المضغ والفرم تحت فك الأجهزة الأمنية، ويسهل محاصرتكم في بداية الطريق، وبرضوا أي دعوة لتأجيل التنظيم وبناء مجموعات العمل والتنسيق بينكم في الأحياء هي خيانة صريحة لقضيتنا.
يا النضال يا التشرد ليت كانت هناك حلول اسهل
الكرة في ملعبنا… يا نشتغل من دلوقتي نبني صفوفنا ونستعد لمعركة إسقاط القانون وإسقاط السلطة التي تجد في طردنا من منزلنا هدف لها من أجل زيادة عوائدها الاستثمارية، يا نستنى خمس سنين ونشوف بيوتنا بتتباع قدام عنينا. معركة السكن مش هتتحسم داخل البرلمان اللي أعضائه رجال الأعمال ومستثمرين ولا في المحاكم بتاعة المستشارين شركاء الضباط في النهب والقمع، هتتحسم في الشوارع وفي الأحياء اللي هايجتمع فيها الناس ويتفقوا أنهم في مركب واحدة، ويقرروا إنهم مش هيخرجوا من بيوتهم إلا على جثثهم، ويحددون مطالبهم وفاعليتهم ويختاروا ممثلين عنهم، وينسقوا بينهم وبين كل المهددين زيهم في كل المحافظات والمواقع من أجل حركة موحدة للحفاظ على مساكنهم.
إحنا مش أقل من أهالي الوراق، وليكن لنا في نضالهم درس نمشي عليه وفي إخفاقهم درس نتعلم منه… ولا إحنا أقل من أي شعب وقف يدافع عن حقه، بس لازم نبطل وهم الاستسهال ونواجه الحقيقة، المعركة صعبة وطويلة تأتي في ظروف اجتماعية صعبة، تم تغييب كل أشكال القوة الاجتماعية التي تعبر عن الجماهير، ومناخ سياسي يسوده القمع ولذلك بذل الجهد ضرورة للتغلب على الفردية والقمع.

