01-02-2025
تحل علينا اليوم ذكرى حزينة ومؤلمة، لكنها أيضًا معبرة وكاشفة لشكل سير تطور السياسة في بلادنا. إنها ذكرى مجزرة ستاد بورسعيد التي وقعت أحداثها في 1 فبراير 2012، وراح ضحيتها 74 شابًا من رابطة مشجعي كرة القدم للنادي الأهلي.
وقعت المجزرة بعد انتهاء مباراة كرة قدم بين فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي، عندما هاجمت مجموعات من البلطجية مدرجات جماهير النادي الأهلي بالأسلحة البيضاء والنارية داخل الاستاد. فاجأ الهجوم الجمهور الذي حاول الهروب، ليكتشف أن أبواب المدرجات مغلقة، عدا باب واحد صغير، تكدست الجماهير خلفه أثناء ما كانت تحصدهم طعنات وطلقات البلطجية.
لقد كان لروابط مشجعي كرة القدم (الألتراس) دور إيجابي كبير في دعم ثورة 25 يناير 2011 والدفاع عن ميدان التحرير أثناء الاعتصام، بسبب قدرتهم العالية على الحشد والتنظيم. فكانت روابط الألتراس في طليعة القوى الشبابية التي دافعت عن اعتصام التحرير في مواجهة هجمات بلطجية النظام يوم 2 فبراير 2011، في الواقعة المعروفة إعلاميًا بموقعة الجمل، والتي أجبر مبارك على التنحي بعدها، بعد أن فشل أنصاره في فض اعتصام ميدان التحرير عبر هجمات البلطجية بالأحصنة والجمال.
وطبعًا، لا يمكن إغفال الرمزية في تدبير مجزرة ستاد بورسعيد بعد عام بفارق يوم واحد، 1 فبراير 2012، للانتقام من ألتراس أهلاوي. لدرجة أن شهود عيان أفادوا أن بعض البلطجية المهاجمين كانوا يحملون صورًا لأعضاء وكوادر محددين من ألتراس أهلاوي لاستهدافهم.
إن مسؤولية مجزرة ستاد بورسعيد تقع على نفس الجهة التي دبرت كل المجازر قبل تلك المجزرة وبعدها، من أول مجزرة موقعة الجمل إلى مجزرة محمد محمود الأولى والثانية، والعباسية. تلك الجهة هي النظام وشرطته وأجهزته الأمنية التي كانت تدبر تلك المجازر كجزء من بداية الثورة المضادة. وشاركت جماعة الإخوان المسلمين، بكل خيانة وخسة، النظام في ذلك الوقت، في جرائمه بالتستر عليه وعدم فضحه، في تصور منها أن ذلك سيبقي التحالف الذي كان قائمًا بينها وبين قادة المجلس العسكري.
ما تسبب في تشجيع النظام على المزيد من المجازر والجرائم في حق الشعب والثورة، توجَّها المجرم عبدالفتاح السيسي قائد الثورة المضادة بالانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، وما تبعه من مجازر، بدءًا بمجزرة الحرس الجمهوري، ورابعة العدوية، والنهضة، ومسجد الفتح، وغيرهم الكثير من المجازر التي وقعت في القاهرة وفي العديد من المحافظات. بالإضافة إلى “السلخانة البشرية” المستمرة حتى اليوم في حق عشرات الآلاف من السجناء والمخفيين قسريًا ممن نجوا من القتل في تلك المجازر، لكن قبض عليهم لاحقًا ليلقى بهم إلى القتل البطيء في سجون النظام ومقراته الأمنية.
إن الدرس الذي نتعلمه في ذكرى مجزرة ستاد بورسعيد ونحيي بها شهداءها هو أن هذا النظام يجب أن يسقط نهائيًا وإلى الأبد. وأنه لا يجب ترك له أي فرصة في أن ينظم صفوفه وينبعث من جديد ليقود ثورة مضادة جديدة، مثل التي خاضها ضد ثورة 25 يناير، وما زالت مستمرة وتحكم إلى اليوم. وأن أي فصيل أو تيار سياسي يتحالف مع النظام يصبح شريكًا له في جرائمه.
نحن نؤمن إيمانًا عميقًا أن ثورة جديدة ستندلع في بلادنا في المستقبل. وأن الطريق الوحيد لتحقيق نصر على النظام في المستقبل هو أن ندرس ونتعلم دروس ثورتنا المهزومة، وننظم صفوفنا، ونرفع وعينا السياسي، حتى لا نقع في نفس أخطاء الماضي مرة أخرى. فمن لا يتعلم من أخطائه، محكوم عليه بتكرارها.
لقد سطرت ملحمة ثورة 25 يناير 2011 صفحة مضيئة في تاريخ الشعب المصري على طريق النضال من أجل التحرر. هذا الطريق نسير على دربه، ونقتفي أثره، وندرس خطوطه بصبر وتمعن من أجل التحرر من الاستبداد وإنهاء حكم العسكر في بلادنا.
انضموا إلينا، وناضلوا معنا من أجل تحقيق مجتمع حر وعادل.
تواصلوا معنا عبر البريد الإليكتروني : Soc-Rev-Egy@protonmail.com

