من نحن

02-12-2024

نحن مجموعة من الاشتراكيين الثوريين الماركسيين المصريين، بدأنا في التجمع والانخراط في النضال المشترك أثناء ثورة يناير 2011. بعضنا من قدامى الكوادر في تنظيم النضالات في ظل حكم نظام مبارك، ومنها حركة التضامن مع إضراب عمال غزل المحلة في أبريل 2008، وحركة “كلنا خالد سعيد” بالإسكندرية عام 2010. بينما أصبح عدد آخر منا ناشطين سياسيًا في وقت لاحق ومع اندلاع الثورة. لقد حاربنا في الثورة جنبًا إلى جنب من أجل تحقيق أهدافها: الخبز، الحرية، والعدالة الاجتماعية، وفعلنا كل ما في وسعنا لمقاومة خيانة تلك الأهداف من قبل قيادات ومجموعات المعارضة المختلفة.

من بين من خانوا الثورة كانت قيادة الحركة التي أصبح معظمنا أعضاء فيها: حركة الاشتراكيين الثوريين، والتي انضممنا إليها عن قناعة بأن الاشتراكية تقدم الإجابة الوحيدة الصحيحة على حاجة الجماهير للتحرر من القمع والاستغلال. لكن انتفاضة يناير 2011 وجدت الاشتراكيين الثوريين عاجزين عن الإجابة على السؤال الأهم الذي طرحته الانتفاضة:
هل يمكن للثورة أن تنجح كثورة شعبية من أجل الديمقراطية فقط؟ أم أن نجاحها يتطلب أن تتصدر الطبقة العاملة المشهد، وأن تؤمن الديمقراطية عبر استيلائها على السلطة والإطاحة بالرأسمالية، والبدء في بناء مجتمع اشتراكي؟

بدون إجابة واضحة على هذا السؤال، كان الاشتراكيون الثوريون يتأرجحون من اتجاه إلى آخر أثناء الثورة، متنقلين بشكل انتهازي بين التذيّل لحركات المعارضة البرجوازية الشعبية، واحدة تلو الأخرى.
ففي البدء دعموا محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية، ثم بعد عام دعموا حركة “تمرد” للإطاحة به، رغم وضوح أن “تمرد” كانت أداة بيد المخابرات ضمن التحضيرات للانقلاب العسكري، الذي أجهز نهائيًا على الثورة. لقد احتج بعضنا ممن كانوا أعضاء نشطين في الاشتراكيين الثوريين آنذاك على هذه السياسات، خصوصًا وقت صعود “تمرد”، لكن هذه التحذيرات قوبلت بالتجاهل. وفي النهاية، قام قادة الاشتراكيين الثوريين بإقصاء جميع الأعضاء الذين فكروا بشكل مستقل ونقدي عن الحركة.

لقد تعلمنا من هذه التجربة حاجتنا إلى استراتيجية اشتراكية واضحة، وإلى ضرورة الدفاع عن أفكارنا بشجاعة، سواء كانت شعبية أم لا، وإلى الأهمية المطلقة لممارسة الديمقراطية التنظيمية، التي تسمح بالنقاش الحر والنقد، المقترن مع وحدة الفعل التي تمكّننا من اتخاذ مواقف جماعية منضبطة.

تعرضنا، منذ الانقلاب، لشتى أنواع القمع الوحشي من الدولة، كغيرنا من آلاف المناضلين. غُيّب بعضنا لفترات طويلة في السجون، ولا يزال بعض رفاقنا قابعين في الزنازين حتى اليوم. اضطر بعضنا الذهاب إلى المنافى، بينما بقي آخرون في مصر يواصلون النشاط السياسي السري، ويحرصون على نشر دعايتنا وأفكارنا، والحفاظ على دورية التنظيم والاجتماعات قدر المستطاع.

كان عملنا، حتى الآن، يقتصر على الإطار السري للعمل السياسي في مصر، حيث أعطينا أولوية لتعزيز بنيتنا التنظيمية مع تفادي القمع الحكومي. لكن، ومع وضوح تعاون نظام السيسي مع الصهيونية في إبادة الشعب الفلسطيني، فإن تأخر ظهورنا العلني أصبح غير مبرر. لذلك قررنا اليوم إطلاق موقعنا على الإنترنت لنشر أفكارنا والمشاركة في النقاش مع الاشتراكيين في مصر، وفي أنحاء الشرق الأوسط والعالم.

نحن لا ندّعي أننا نملك إجابات على كل الأسئلة السياسية في عصرنا. نحن تيار سياسي في طور التكوين. ومن خلال تجربتنا في الثورة والثورة المضادة، إلى جانب الدراسات النظرية والنقاشات، توافقنا على بعض المبادئ الأساسية، وسننشر لاحقًا أوراقًا حول ما نعتقد أنه دروس الثورة المصرية، والثورات التي اجتاحت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما سننشر أوراقًا حول نقاط الاتفاق بيننا، والتي تتضمن:

المبادئ الأساسية:

1- في واقع تهيمن فيه الإمبريالية على بلد فقير مثل مصر، تتطلب الرأسمالية وجود دكتاتورية قادرة على إخضاع الجماهير. ونتيجة لذلك، فإن تأمين الحقوق الديمقراطية وانتخاب حكومة مسؤولة أمام الشعب لن يتحقق إلا بالإطاحة بالرأسمالية من خلال ثورة تستولي فيها الطبقة العاملة على السلطة، وتشرع في بناء الاشتراكية. وتلك هي استراتيجية “الثورة الدائمة” كما وضعها الثوري الروسي ليون تروتسكي.

2- الثورة الاشتراكية ممكنة فقط عندما تدرك الطبقة العاملة النشطة سياسيًا حاجتها إلى قيادة الجماهير نحو الإطاحة بالرأسمالية. ولن تتعلم الجماهير ذلك إلا من خلال تجاربها النضالية الخاصة. لذلك، نشجع العمال والمضطهدين على بناء منظماتهم الديمقراطية الجماهيرية، التي تمكنهم من النضال للدفاع عن مصالحهم وتحسين أوضاعهم. وفي الوقت ذاته، لا يمكن للعمال أن يكتسبوا وعيًا كاملًا بمصالحهم ومهامهم السياسية إلا بوجود قيادة اشتراكية ثورية بجانبهم، قادرة على استخلاص الدروس ودفع النضالات الى الامام. نحن ملتزمون بالمضي قدمًا في بناء هذا الحزب الطليعي.

3- تمتلك الرأسمالية الإمبريالية من الموارد والإمكانيات العالمية ما يجعلها قادرة على عزل أي ثورة ووأدها. فمثلاً، أدى عزل الثورة الروسية في 1917 إلى صعود الثورة المضادة الستالينية التي أطاحت بدولة العمال من الداخل. والتى تمثل درس تاريخي صارخ مفاده: أن الفشل في تصدير الثورة ونشرها يؤدي إلى تدهورها إلى نظام شمولي كارثي.

4- إن مصير أي ثورة اشتراكية يتوقف على نجاح الثورات في بلدان أخرى، مما يعني أن النضال من أجل بناء قيادة سياسية اشتراكية للطبقة العاملة لا يجب أن يكون محليًا فقط، بل عالميًا.
وبرغم أننا لسنا أعضاء في أي تجمع عالمي للاشتراكيين، فإننا مقتنعون بالحاجة الملحة لمثل هذا التجمع، وملتزمون بالمشاركة في النقاشات الرئيسية للحركة العالمية والتعاون مع الاشتراكيين الثوريين في جميع أنحاء العالم.

5- يجب على الاشتراكيين الدفاع عن الشعوب المضطهدة ضد مضطهديها، والنضال من أجل انتزاع الحقوق الديمقراطية للجميع. ولذلك:

أ- نرفض “التضامن الانتقائي” الشائع بين بعض أوساط اليسار، والذي يرتبط بفكرة “المعسكر المناهض للإمبريالية”، التي تبرر دعم أنظمة قمعية باعتبارها مناهضة موضوعيًا للإمبريالية. نحن ندافع عن الجماهير السورية ضد ديكتاتورية الأسد وحلفائه (روسيا، إيران، حزب الله)، كما ندافع عن الشعب الأوكراني ضد الغزو الروسي، وعن شعوب تايوان، هونغ كونغ، الإيغور، والتيبت، في حقها في تقرير المصير ضد قمع ديكتاتورية الصين.

ب- ندافع عن جميع الأمم المضطهدة ضد عدوان الإمبريالية عليها، وتأتي فلسطين في صدارة هذا النضال.
نحن نناضل من أجل فلسطين حرّة، موحّدة، ديمقراطية من النهر إلى البحر، حيث يتمتع اللاجئون بحق العودة، ويمكن لجميع السكان العيش بحرية دون تمييز ديني أو قومي أو عرقي.
وفي نضالنا من أجل التحرير، نُصرّ على إبراز أن العدو هو الصهيونية، وليس الشعب اليهودي. ولأن الصهيونية تزدهر بالطائفية الدينية، فإننا نعارض محاولات تسميم قضية التحرر الوطني للشعب الفلسطيني بحرفها وإفسادها بسم التعصب ضد اليهود.

الصهيونية شكل من أشكال القومية العرقية، تقوم على فكرة أن المجموعات الدينية والعرقية المختلفة لا يمكنها العيش المشترك في سلام، ولابد من فصلها في ما يشبه النظام العالمي للفصل العنصري، الاستجابة لهذا عبر التعصب المعادي لليهود ليس فقط خاطئ في حد ذاته، بل يصب في مصلحة الصهيونية ذاتها.

الأهم من ذلك، أننا نؤمن بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة، لكننا نُدرك أن استمرار الدعم الإمبريالي لإسرائيل يمنع الإطاحة بها من خلال المقاومة الفلسطينية وحدها. مفتاح تحرير فلسطين هو الإطاحة بالديكتاتوريات العربية، وخاصة ديكتاتورية السيسي في مصر. فقط الثورات الاشتراكية في العالم العربي هي القادرة على محاصرة الدولة الصهيونية وجعل تحرير فلسطين ممكنا.

ج- نرفض الطائفية الدينية التي تشكل أداة لتقسيم الجماهير واخضاعها، ونناضل من أجل دولة ديمقراطية علمانية تحمي الحريات الدينية، وتُزيل القيود على إقامة الشعائر وبناء دور العبادة، وتدافع عن حق الجميع في ممارسة شعائرهم أو عدم ممارستها.

د- اضطهاد المرأة سمة أساسية من سمات المجتمع الطبقي. تعمل الرأسمالية الأبوية على تحميل النساء أعباء العمل المنزلي، واستغلالهن بشكل حاد في سوق العمل، إلى جانب الاستغلال الجنسي والعنف والتمييز.
ندافع عن تحرير المرأة من كل أشكال القمع، ونؤمن أن الثورة الاشتراكية هي السبيل الوحيد لتحقيق ذلك. فالدولة العمالية ستحرص على إزاحة أعباء العمل المنزلي من خلال توسيع الخدمات العامة (مثل المطاعم، المغاسل، الصحة، التعليم، ورعاية الأطفال).
كما نؤكد على ضرورة خوض النضال النسوي داخل الحركة الاشتراكية نفسها، ومقاومة كل أشكال التمييز الصريحة والمبطّنة.
لقد لعبت النساء أدوارًا قيادية في كل الثورات الكبرى، ونحن ملتزمون بتشجيع قيادة المرأة للنضال.

هـ- نضالنا من أجل الاشتراكية الديمقراطية وبناء مجتمع جديد مرتبط بالنضال ضد جميع أشكال التمييز والعنصرية. لذلك نرفض التمييز ضد المثليين والأقليات الجنسية الأخرى، وندافع عن حق كل إنسان في تقرير مصيره الجنسي.

تواصلوا معنا عبر البريد الإلكتروني:  Soc-Rev-Egy@protonmail.com